مذكرة جوابية على أدلة المدعي العام في قضية تحرش

بسم الله الرحمن الرحيم

أصحاب الفضيلة رئيس الدائرة وأعضاء الدائرة ……………….        حفظهم الله ورعاهم            

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

مذكرة جوابية في القضية رقم………

عن المدعى عليه /…………………..وجوابي على لائحة الاتهام المقدمة من المدعى العام يتمثل في:  

أولاً: فيما يتعلق بالتهمة الموجهة من المدعى العام للمدعى عليه بالتحرش الجنسي المجرم وفق المادة (الأولي) من نظام مكافحة جريمة التحرش، فإن موكلي المدعى عليه ينكر هذا الاتهام جملةً وتفصيلاً.

ثانياً: فيما يتعلق بالأدلة التي أوردها المدعى العام في دعواه فإنني أرد عليها على النحو التالي:

  1. الرد على الدليل الأول (إقرار المتهم بقيامه بإركاب الفتاة معه وإعطائها مبلغ …. سعودي) فنرد عليه بما يلي:

استند المدعى العام في دعواه ضد موكلي المدعى عليه إلى الإقرار التحقيقي المنسوب للمدعى عليه بقيامه بإركاب الفتاة …. معه واعطائها مبلغ ….. سعودي واعتبر المدعى العام أن ذلك دليل على أن قصد المدعى عليه من هذا هو التحرش وذلك الاستنتاج من المدعى العام غير صحيح جملةً وتفصيلاً فحقيقة وقائع القضية أن المدعى عليه وجد الفتاة … تقوم ببيع الحبحب على الطريق واشتري منها بمبلغ … ريال وعند قيام موكلي بدفع ثمن الحبحب للفتاة شكت لها حالها ولحسن نية موكلي، ورغبته في الثواب عرض عليها مبلغ ….. ريال كصدقة ابتغاءً للأجر والثواب، وبعد ذلك طلبت منه الفتاة إيصالها لمنزلها في حى الجرف ووضعت الحبحب العائد لها في السيارة لكن أثناء السير طلبت منه الفتاة التوقف على جانب الطريق ونزلت من السيارة وأخذت الحبحب العائد لها وأخذت دون علم موكلي كيس يوجد به أوراق خاصة بموكلي ظناً منها أنه يحوي نقود وبعد إنزالها في الطريق تركها موكلي واستمر في طريقه، وعلى هذا يكون استناد المدعى العام للإقرار التحقيقي المنسوب لموكلي على أنه دليل عل إدانته بالاتهام الموجه له مبناه التعسف في الاستنتاج والقاعدة (التعسف في الاستنتاج تُبطله).

كما أنه من الناحية النظامية لا يجوز الاستناد على الإقرار التحقيقي المنسوب للمدعى عليه سواء في محضر سماع الأقوال أو الاستجواب لعدم جواز الاستناد على هذا الإقرار لإثبات الإدانة كونه إقرار غير قضائي استناداً للمادة الرابعة عشر من نظام الإثبات.

يضاف إلى ما سبق أنه من مطالعة فضيلتكم لمحاضر سماع الأقوال أو الاستجواب فالثابت فيها هو انكار المدعى عليه لصحة الاتهام الموجه له ونفي حدوث الواقعة المزعومة (التحرش)، ولم يرد في أي من هذه المحاضر أي اعتراف من المدعي عليه بارتكابه للواقعة المزعومة أو ثبوت الاتهام في حقه.

وعليه فالاعتراف المنسوب للمدعى عليه لا يمكن اعتباره دليلاً على إدانته وذلك لثبوت انكار المدعى عليه للاتهام الموجه له في جميع مراحل القضية سواء عند استماع أقواله أو عند استجوابه، وعليه فلا يمكن اعتبار مثل هذا الاعتراف المنسوب للمدعى عليه دليلاً أو قرينة على ثبوت الاتهام الموجه للمدعى عليه.

أصحاب الفضيلة استند المدعى عليه إلى أن ما ذكره موكلي المدعى عليه من أن سبب دفع المبلغ للفتاة خيرية هو الصدقة غير متصور وكأن المدعى العام نصب نفسه خصماً وحكماً في وقت واحد وفي ذلك تعدي على سلطة المحكمة فالمحكمة وحدها هي صاحبة السلطة في تقدير صحة الدفع من عدمه، ونجيب على المدعى العام بأن ما  ذكره في دعواه بخصوص سبب دفع موكلي للمبلغ للفتاة هو من قبيل حمل الأمور على غير حقيقتها فهل شق المدعى العام صدر موكلي المدعى عليه لمعرفة نية المدعى عليه وقصده من دفع المبلغ للفتاة فقد جاء في الحديث الشريف سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى المِنْبَرِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا، أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ)).

أما بخصوص ما ذكره المدعى العام من أن قيمة المبلغ كبيرة فجوابنا عليه بأن هذا تصور خاطئ من جانب المدعى العام فقيمة المبلغ خاصةً في الوقت الحالي ليست كبيرة وحتي لو كانت كبيرة فلا يمكن اعتبار ذلك دليلاً على صحة الاتهام الموجه لموكلي بالتحرش بالفتاة دون دليل أو بينة موصلة.

أما ما ذكره المدعى العام من وجود جهات معنية بذلك يمكن دفع الصدقة عن طريقها وكان يستطيع شراء ما تحتاجه الفتاة من وجود مواد غذائية فجوابنا عليه أن الفتاة لما شكت حالها وظروفها لموكلى المدعى عليه قام بإعطائها المبلغ وكان سوف يذهب ويتركها لكنها هى من طلبت منه توصليها بدليل أنها هي من وضعت الحبحب الخاص بها في سيارة موكلي المدعى عليه.

أصحاب الفضيلة في هذا الدليل اعتبر المدعى العام أن عدم قيام موكلي المدعى عليه بالإبلاغ عن أن الفتاة ….. قامت بأخذ كيس من سيارته به أوراق ثبوتية فور حدوث ذلك قرينة تعضد خوفه من إبلاغ الجهة الأمنية بالواقعة وقيام المتهم بمغادرة موقع نزولها من مركبته قرينة تعضد صحة أقوالها فنجيب عليه بأنه كما ذكرنا أن حقيقة وقائع القضية أن الفتاة … قبل نزولها من سيارة موكلي المدعى عليه قامت بأخذ كيس الأوراق دون علم موكلي وهذا هو سبب عدم الإبلاغ لأن موكلي لم يكن يعلم بواقعة أخذ الكيس من الأساس ولو كان موكلى يعلم بهذا الأمر لقام بالإبلاغ عن الواقعة فوراً.

أما عن سبب مغادرة موكلي المدعى عليه موقع نزول الفتاة فهذا أيضاً ليس فيه أي دليل أو قرينة على صحة الاتهام الموجه لموكلي فكما أسلفنا القول أنه بعدما طلبت الفتاة بالنزول من سيارة موكلي المدعى عليه قام موكلي بإكمال طريقه بصورة عادية جدا وذهب إلى وجهته بشكل طبيعي جدا.

وعلى ما تقدم فقد تبين فقد تبين لفضيلتكم عدم صحة استناد المدعى العام إلى إقرار موكلي بأن الفتاة …. قامت بأخذ كيس من سيارته به أوراق ثبوته له وعدم قيامه بالابلاغ عن ذلك فهذا الإقرار ليس فيه أى دليل أو قرينة على صحة الاتهام الموجه لموكلي وهو ما يستوجب القضاء برد دعوى المدعى العام لأن البينة المقررة فقهاً وشرعاً وقضاءً ونظاماً (البينة على من ادعى).

أصحاب الفضيلة اعتبر المدعى العام أن إبلاغ الفتاة لأحد الأشخاص بالواقعة المزعومة دليلاً على صحة الاتهام الموجه لموكلي وهذا الأمر غير صحيح جملةً وتفصيلاً فالقاعدة (ليس كل بلاغ دليلاً على صحة الاتهام) ويؤكد لفضيلتكم عدم صحته أن الفتاة ذكرت وأقرت في أقوالها سواء في محضر الاستجواب أو سماع الأقوال أن موكلي لم يقم بالتحرش بها جسدياً أو تهديدها أو إجبارها على أي فعل فهذا الإقرار من جانب الفتاة دليلاً على عدم صحة الاتهام الموجه لموكلي.

أما فيما يخص قيام موكلي بمغادرة الموقع فقد أسلفنا الرد على هذا الأمر أنه بعدما طلبت الفتاة بالنزول من سيارة موكلي المدعى عليه قام موكلي بإكمال طريقه بصورة عادية جدا وذهب إلى وجهته بشكل طبيعي جداً فموكلي لم يهرب من الموقع ولا يوجد أي دليل أو بينة على حدوث هذا الهروب وموكلي لا يحتاج أصلاً إلى الهرب لأنه لم يفعل أو يرتكب ما يستدعى ذلك وفق ما أقرت به الفتاة ذاتها في محاضر الاستجواب وسماع الأقوال.

أما عن واقعة أخذ الفتاة للكيس الذي يوجد به أوراق ثبوتية لموكلي فكما أسلفنا القول هذا الأمر قامت به الفتاة دون علم موكلي ولو كان موكلي يعلم بحدوثه لقام بالإبلاغ عنها فوراً.

أصحاب الفضيلة استند المدعى العام في توجيه الاتهام إلى المدعى عليه إلى أنه يوجد تناقض في أقوال المدعى عليه حيال ذكر ملابسات الواقعة ومنها سبب اعطائه المبلغ للفتاة وبعض التفاصيل الأخري فذلك غير صحيح جملةً وتفصيلاً فمن مطالعة فضيلتكم لأقوال موكلي المدعى عليه سواء في محضر سماع الأقوال أو الاستجواب فلا يوجد فيها أي تناقض وإنما الثابت فيها إنكار موكلي لصحة الاتهام الموجه له جملةً وتفصيلاً وثبات موكلي على أقواله ولا يوجد فيها أي تناقض.

أصحاب الفضيلة وعلى ما سبق فقد تبين لفضيلتكم عدم وجود أي تناقض في أقوال المدعى عليه وأن المدعى العام قام بناء هذا الدليل بالتعسف في الاستنتاج والقرينة المتوهمة ومن ثم فلا يصلح هذا الأمر باعتباره دليلاً على ادانة المدعى عليه أو صحة الاتهام الموجه له.

أصحاب الفضيلة من مطالعة فضيلتكم لكافة أوراق القضية يثبت لفضيلتكم أن  المدعى العام لم يقدم أي بينة موصلة  أو دليل على صحة وثبوت الاتهام في حق موكلي المدعى عليه فضلاً عن ذلك توافرت أدلة وقرائن تثبت عدم صحة دعوى المدعى العام وهذه الأدلة والقرائن تتمثل في:

أولاً: وفق الثابت بمحضر سماع الأقوال ومحضر الاستجواب فقد أقرت المدعى عليها بأن المدعى عليه لم يقم بالتحرش بها جسدياً أو تهديدها أو إجبارها على أي فعل فهذا الإقرار من جانب الفتاة دليلاً على عدم صحة الاتهام الموجه لموكلي.

ثانياً: أنه وفق الثابت بمحضر سماع أقوال الفتاة .. أقرت أن المدعى عليه لم يقم بلمسها ولم يتعرض لها بشئ وهذا يؤكد عدم صحة الاتهام الموجه لموكلي وبراءته من هذا الاتهام.

ثالثاً: تناقض أقوال الفتاة خيرية في محضر سماع الأقوال فتارة تذكر أنها ركبت مع المدعى عليه بعد أخذ المال وتارة تذكر أنها ركبت بغرض خداع المدعى عليه، وتناقضها في ذكر اسم غير اسمها الحقيقي يؤكد عدم صحة دعوى المدعى العام تجاه موكلي المدعى العام.

فمتي كان ما تقدم فقد ثبت لفضيلتكم أن المدعى العام قد أسس دعواه ضد المدعى عليه على مجموعة من القرائن الضعيفة وغير الموصلة بالمخالفة للأصل الشرعى أن الأصل فى الإنسان براءة ذمته ولا خلاف بين الفقهاء على انه لا يجوز القضاء بالقرينة المتوهمة الضعيفة وهو ما يستوجب القضاء برد دعوى المدعى العام فقد استقر قضاء المحكمة العليا في قرارها رقم 176/5/45 وتاريخه 9/11/1402ه….الدعوى والشهادة والإقرار إذا لم تنفك عما يوهنها أو يكذبها لا تقبل ولا يبنى عليها في الأحكام الشرعية.

أصحاب الفضيلة: بناءً على ما تقدم يتضح خلو الدعوى من أي دليل أو بينة تثبت صحة الاتهام الموجه الي المدعى عليه، وعدم صحة الاعتراف المنسوب إلى المدعى عليه على النحو المشار إليه بعاليه،  وأن جميع الأدلة الواردة في لائحة الادعاء لا تصلح للاستناد عليها لإدانة المدعى عليه حيث إن الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين لا على الشك والاحتمال والتخمين، واستناداً لما سلف وأن أوضحناه تكون جميع القرائن المذكورة في لائحة الادعاء العام قد تطرق إليها الشك والاحتمال والقاعدة (الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال)، ومن المستقر عليه فقهاً وقضاءً إن العفو عن العقوبة أولى من القضاء بالشبهة والظن إعمالاً لقول رسول الله عليه وسلم “ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خيراً من أن يخطئ في العقوبة، وقال صلى الله عليه وسلم (ادرءوا الحدود بالشبهات)، وحيث إٍن الأصل في الإنسان البراءة ما لم يثبت خلاف ذلك، وقد جاء في الحديث الشريف «لو يعطى الناس بدعواهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم، لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر» ثم ان الشريعة الإسلامية الغراء لا تجيز العقاب بغير دليل شرعي، لأن مناط قيام العقوبة يقتضي ثبوت الإدانة بأمر محظور شرعاً وفقاً للأدلة الشرعية المعتبرة, وبشرط أن يكون الدليل المستند إليه في توقيع العقوبة دليل قطعي لا شبهة فيه وهو ما نصت عليه المادة الثالثة من نظام الإجراءات الجزائية.

الطلبات:                     

لذا ومن جميع ما تقدم نلتمس من فضيلتكم الاطلاع والقضاء بما يلي:

“رد دعوى المدعى العام تجاه المدعى عليه وإطلاق سراحه منها”.

والله يحفظكم ويرعاكم،،،